فصل: الحوار في القصة القرآنية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدخل إلى علوم القرآن الكريم



.الحوار في القصة القرآنية:

يعتبر الحوار عنصرا أساسيا في القصة القرآنية، ويجري الحوار بين شخصيات القصة معبرا عن المعنى المراد مشيرا إلى بعض ما ترمز إليه القصة من أهداف، والحوار يبعث الحياة في القصة القرآنية ويجعلها أكثر تعبيرا عن المعنى المقصود، ولا يمكن لأسلوب العرض التقريري أن يغني عن الحوار في بعض المواقف، فهو أداة التعبير المباشر عن الشخصية، والحوار يوضح ملامح الشخصية الإنسانية ويعبر عن أسلوبها وطبيعتها ويكشف خفايا تلك الشخصية الإنسانية من حيث الاستعدادات والانفعالات ويأتي الحوار في إطار السرد التاريخي للقصة، ويبرز هذا في قصة يوسف عند ما تحدث القرآن عن المرأة وراودته التي هو في بيتها وقالت: {هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} وهناك علاقة بين الحوار والشخصية لأن لكل شخصية أسلوبها المعبر، فالملك يعبر بأسلوب يعبر عن شخصيته: {ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي}، {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ} والأمر واضح في خطاب الملوك، وفيه شدة ويلاحظ في الحوار أسلوب الرجاء: {يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا}، وأسلوب النصح في خطاب الأب لأولاده: {يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ} وليس هناك كلمة أبلغ في التعبير عن الاطمئنان وإزالة الخوف من كلمة يوسف لأخيه: {إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ}، وتأتي كلمة امرأة العزيز حاسمة صادقة: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ}.
والحوار متعدد الأساليب، فهناك من الحوار ما يفيد معنى التهديد والوعيد، وهناك ما يفيد معنى الازدراء والاستخفاف وهناك ما يفيد معنى التلقين والتقرير، وهناك ما يفيد معنى النصح أو الاعتراف..
والقصة في سورة يوسف غنية بدلالاتها ومعانيها وألفاظها ومفرداتها، والحوار فيها مؤثر ومعبر وبليغ، يتميز بقوة الألفاظ وبجمالها وبقدرتها التعبيرية عن الموقف، حتى أن القارئ يشعر كأنه يعيش الحدث ويتفاعل معه ويتأثر به، وكأنه يراه أمامه نابضا بالحياة..
ويتميز الأنبياء في الحوار بالرفق والنصح والتوجيه وسعة الصدر، لأنهم أصحاب رسالة، ومن الطبيعي أن يكون حوارهم معبرا عن قيم أخلاقية رفيعة وداعيا إلى عبادة الله والاحتكام إليه والاعتماد عليه، وتبرز معجزاتهم الدالة على صدق رسالتهم من خلال ما يمثله الحوار وما يعبر عنه من قدرات خاصة، كتأويل الأحاديث بالنسبة ليوسف، ومعجزات واضحة بالنسبة لموسى..
والحوار في القرآن متعدد الجوانب، فقد يخاطب الإنسان نفسه ويحاورها في نوع من أنواع التعبير عما يجيش في النفس من خواطر، لتفسير بعض المواقف، وأحيانا يجري الحوار بين الله والملائكة أو بين الله والإنسان، كقوله تعالى: {وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ} [البقرة: 30]، وأحيانا يجري الحوار بين الملائكة والإنسان أو بين الإنسان والشياطين أو بين الإنسان والحيوان.
وغاية الحوار في كل ذلك تقريب الأفكار وتوضيح المعاني وإغناء السامع بالحجة وتمكينه من الوصول إلى الحقيقة، والإجابة عن طريق الحوار إلى ما يجول في ذهنه من تساؤلات وشكوك، ويتضمن الحوار في معظم الأحيان ما يراد أن يصل إلى السامع من إقرار مبادئ الإيمان، ومن انتصار الخير على الشر، ومن الاعتراف بنعمة الله وشكره والتخويف من عذابه..

.خصائص الحوار في القصة القرآنية:

وأهم ما يتميز به الحوار في القصة القرآنية ما يلي:
أولا: الإقناع العقلي، وهذه هي خصوصية الحوار، فالحوار وسيلة للإقناع، وربما يعتبر من أهم وسائل الإقناع، ولهذا اتجه الحوار إلى مخاطبة العقول وطرح التساؤلات العقلية التي يمكن أن يثيرها العقل، وبخاصة في القضايا التي تتصل بالعقيدة والإيمان، وإذا لم يحقق الحوار في بعض المواطن أغراضه بطريقة مباشرة فإنه على الأقل يساعد العقل على تلمس بعض الحقائق الإيمانية التي لا تدرك إلا بالذوق الإيماني وصفاء النفس وطهارة النفس ونقاء الفطرة، والمنهج العقلي في القرآن واضح وبين، ويخاطب القرآن العقل البشري، وينيط به مهمة التفسير والفهم، ويجعل المخاطب الموثوق بحسن إدراكه وعمق فهمه والعقول السليمة تستجيب لمنهج القرآن في الحوار، لأن القرآن الذي يخاطب العقول لا يمكن أن يقرر حقائق منافية للعقول والقصة القرآنية هي إحدى أدوات القرآن للإقناع والتأثير.
ثانيا: استخدام اللغة لإحداث التأثير النفسي، ومفردات القرآن متميزة في قوة تأثيرها، وفي دقة تعبيرها، وفي إحداث التأثير المطلوب منها، ولو استبدلت لفظة قرآنية بأخرى لضعف التأثير واختل المعنى، وترهلت العبارة، ومن اليسير علينا أن ندرك عند قراءتنا للقرآن أثر اللفظة القرآنية في إحداث التأثير النفسي ولو حاولنا أن نعيد كتابة قصة يوسف، أو استبدال لفظة بأخرى من ألفاظ الحوار لفقدت هذه القصة كل تأثير، ولكانت مملة، لأن القصة معروفة، واللفظة القرآنية هي أداة التعبير المؤثر، حتى أن السامع عند ما يسمعها يظن أنه يسمعها لأول مرة، ويتأثر بها، واللفظة المفردة ليست لها قيمة متميزة إلا في إطار المكان الذي جاءت فيه من النظم والتركيب، ولو تتبعنا بعض الكلمات القرآنية لاكتشفنا عظمة النظم المؤثر.
- {وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ}..
-{وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ}..
- {وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ}..
- {قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ}..
- {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ}..
- {قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ}.
- {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ}..
- {وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ}.
- {قَدْ شَغَفَها حُبًّا}..
- {وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}.
- {وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ}..
- {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ}.
إن كل كلمة مؤثرة، ولا تغني عنها لفظة أخرى، وهذا مظهر من مظاهر الإعجاز البياني، والقصة القرآنية في شخصيتها وفي الحوار الذي يجري على لسان تلك الشخصيات هي أداة من أدوات الإقناع ولا تختلف من حيث الأثر عن الآيات الأخرى التي تقرر فيها مبادئ العقيدة بطريقة مباشرة..
ونلاحظ أن شخصيات القصة من خلال الحوار تنطق بما ينسجم مع دعوة الأنبياء في هداية البشر وإرشادهم إلى طريق الخير وتدعيم قيم الفضيلة في المجتمع الإنساني...
ويتمثل هذا في قول يوسف لرفيقيه في السجن: {يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (39) ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [يوسف: 39- 40].
وقول يعقوب لبنيه: {وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف: 67].
ويحرص القرآن في مجال القصة القرآنية إلى أن يدعو أثناء عرض القصة أو بعد الانتهاء منها إلى استخراج العبرة منها، وأحيانا يبتدئ القصة بذكر العبرة منها.
ويؤكد هذا ما جاء في بداية قصة يوسف: {لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7]، وهذا بيان وتوضيح لأسباب عرض القصة في القرآن، فالقصة ليست مرادة، ويراد بها بيان الآيات التي تؤكد نبوة الأنبياء، وأن الله تعالى أعدهم لأمر وتكفل بأمرهم وجاء هذا في قوله تعالى: {وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21]، وجاء هذا المعنى واضحا في قصة موسى وفرعون في سورة القصص في قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص: 5- 6].
وكثيرا ما تأتي الآيات في القصة موضحة العلة من إنزال العلة في الظالمين، كما في قوله تعالى في حق فرعون: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [القصص: 39- 40].
وهذا يؤكد خصوصيات القصة القرآنية من حيث الموضوع ومن حيث الأسلوب ومن حيث الغاية والهدف، وأهم خصوصياتها تداخل القصة بالحكم والعبر المستفادة منها، حيثما دعت الحاجة إلى ذلك في بداية القصة أو في نهايتها، أو على لسان شخصيات القصة أثناء الحوار.
ونخلص من هذا أن القصة في القرآن هي إحدى أبرز معاني الإعجاز، من حيث إخبارها عن الأمم السابقة مما لم يكن معلوما أو من حيث وضوح الالتزام بالأهداف القرآنية، أو من حيث الأسلوب البليغ المؤثر في إحداث الغاية المطلوبة من عرض القصة...

.روعة الوصف في القصة القرآنية:

لو تتبعنا قصة مريم في القرآن لوجدنا أروع نموذج لدقة الوصف، وتصوير الحالة النفسية، واختيار المفردات اللغوية المعبرة: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا}.
- {قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}.
- {قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا}.
- {قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}.
- {قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا} [مريم: 16- 21].
ثم يبتدئ الوصف الرائع لمريم: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا}، وكلمة الانتباذ تعبر عن الوضع النفسي لمريم وهي تعيش حالة النفور من المجتمع ونفور المجتمع منها، لأنها تشعر أنها فعلت شيئا سيكون منكرا، وهي لا تدري ماذا تفعل، وكيف يمكن أن تدافع عن نفسها، ولما اشتد عليها ألم الوضع ودفعها إلى جذع الشجرة قالت والألم الجسدي والنفسي يكاد يخنقها: {يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا}.
وهناك تبرز العناية الإلهية، صوت خفي يناديها:
{أَلَّا تَحْزَنِي}..
- {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا}.
- {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26].
وجاءت به إلى قومها تحمله.. وارتفعت الأصواب منكرة معنفة ساخطة:
- {يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا}.
- {يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}..
ما أقسى ما تسمعين يا مريم.. من اتهام.. بالسوء والبغي... لم تتكلم مريم.. لقد نذرت للرحمن صوما.. أشارت إليه..
قالوا بسخرية:
- {كيف نكلم من كان في المهد صبيّا}؟..
فجأة.. ارتفع صوت الصبي من المهد.. قال:
- {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (32) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 30- 33].
ثم جاء التوجيه القرآني...
{ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [مريم: 35].
ونلاحظ أن الوصف القرآني معبر، فالكلمة دالة ناطقة حية.. مواقف..
وصور.. وحالات انفعال.. وحوار.. كل ذلك يتم في آيات قليلة، كل كلمة معبرة.. لوحات متتابعة... تعبر بالصورة الجميلة... عن الحد... والصورة جاءت في لفظة...
... وفي قصة جديدة..
يقف إبراهيم أمام أبيه... باستعطاف ورجاء..
- {إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً}..
- {يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا}.
- {يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا}.
- {يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا} [مريم: 42- 45].
وانتهى الحوار بجواب أبيه، كان قاسيا كل القسوة... {قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (1)}.